تونس في 3 فيفري 2011
التخلص من القيادة البيروقراطية للإتحاد... دعم لمسار الثورة
رسمت ثورة شعبنا المجيدة لنفسها أهدافا واضحة أهمها القضاء على بقايا الحكم الدكتاتوري بعد أن أطاحت ببن علي، رأس النظام السابق. إنها ثورة تؤكد يوم بعد آخر أنها متواصلة طالما لم تقض على كافة مظاهر الفساد و الظلم و القمع و الاضطهاد ولم ترس نظاما ديمقراطيا يكون الشعب هو مرجعية القرار فيه، تتحقق من خلاله طموحاته و تطلعاته إلى التحرر و الإنعتاق و التوزيع العادل للثروة , يعمل على صون حرمة الوطن من خلال القطع مع التبعية السياسية للخارج و تحرير اقتصاده من الارتهان إلى الدوائر المالية العالمية النهابة.
و لئن انخرط العمال و النقابيون في هذه الثورة مجسدين أروع صور التلاحم مع أبناء الشعب فإن قيادة الإتحاد ما انفكت تسعى للانقلاب عليها متجاهلة نبض الشارع و دماء الشهداء و التضحيات الجسام التي قدمها الشعب و المبادئ السامية التي انبنى عليها الإتحاد العام التونسي للشغل و إرادة النقابيين التي ترى في العمال و منظمتهم رافدا أساسيا للنضال الوطني و الاجتماعي.
لقد كانت قيادة الإتحاد (جراد و كل ما يسير في فلكه) سندا هاما لنظام بن علي فهي من زكت ترشحه للانتخابات الرئاسية سنتي 2004 و 2009 و هي من دعمت برامجه الانتخابية الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و التزمت بالدفاع عنها (راجع على سبيل الذكر خطاب عبد السلام جراد في قصر قرطاج بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل في 1 ماي 2010 ) رغم انعكاساتها السلبية على مصالح العمال و عامة الشعب.
أما منذ انطلاق ثورة الحرية و الكرامة التي شارك فيها النقابيون (نقابات أساسية , اتحادات محلية و اتحادات جهوية و قطاعات) بصفة مكثفة فقد تجاهلت هذه القيادة في البداية حركة الشارع و تطلعات النقابيين ثم تبرأت من التحركات التي دعا إليها النقابيون إلى أن اضطرت إلى تبني مطالب الشعب في رفض أي حكومة تضم رموزا من الحكم السابق و حل التجمع الدستوري الديمقراطي. وها هي اليوم تتنازل عن هذين الشرطين و تقبل بالحكومة الجديدة و تعبر عن دعمها لها بل الأدهى من ذلك أصبح عبد السلام جراد يدعو بوضوح للمحافظة على حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ( أنظر تصريحه لجريدة الصباح الصادرة يوم 20 جانفي 2011) علما و أنه كان رئيس أحد شعبه المهنية.
لا نستغرب مثل هذا الموقف من أمين عام كان في الأمس القريب سندا قويا لبن علي طيلة سنوات حكمه فهو من انقلب على قرار مؤتمر جربة القاضي بإنجاز إضراب عام بساعتين دعما للانتفاضة الفلسطينية و هو الذي فرض موقف القبول بالاستفتاء لتنقيح الدستور سنة 2002 فاتحا الباب لبن علي للترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2004 , و هو الذي ترك نظام بن علي يتصرف بكل حرية في ملفات حساسة كخوصصة المؤسسات العمومية و التعليم و التشغيل......
و لم يقف الأمر عند هذا الحد إذ أقدمت القيادة النقابية على إيقاف أبرز المناضلين النقابيين بالحوض المنجمي على النشاط النقابي سنة 2008 على خلفية قيادتهم لانتفاضة أهالي الجهة، فاتحة بذلك الباب لسلطة بن علي لاعتقالهم و محاكمتهم.
و لقد سلكت نفس السلوك إثر انطلاق ثورة الحرية و الكرامة لما تبرأت من أول التجمعات و المسيرات التي انطلقت من ساحة محمد علي بالعاصمة يوم 25 ديسمبر 2010 بدعوة من اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل ويوم 27 ديسمبر 2010 بدعوة من 6 قطاعات : التعليم الأساسي، التعليم الثانوي، الضمان الاجتماعي، أطباء الصحة العمومية، البريد و الاتصالات و الشباب و الطفولة (راجع تصريح عبد السلام جراد في جريدة الصباح بتاريخ 28 ديسمبر 2010 ).
و ما مسايرتها لإرادة قطاع واسع من النقابيين للانخراط في الثورة و عدم اعتراضها على قرارات الإضرابات العامة القطاعية و الجهوية إلا ركوبا على الأحداث و محاولة يائسة لتلميع صورتها.
كما جاءا تصريحي عبد السلام جراد لجريدة الصباح و لقناة حنبعل يوم 30 جانفي 2011 ليكشف مدى مغالطتها للرأي العام النقابي و الوطني و لينزعا الأوهام لدى من اعتقد بإمكانية المراهنة عن هذه القيادة في هذه المرحلة الحساسة في مسيرة الثورة.
رغم موقف الإتحاد الداعم للحكومة الذي اتخذته الهيئة الإدارية الوطنية تواصلت الإضرابات و المظاهرات في القصرين و سيدي بوزيد و المكناسي و أم العرائس... خاصة إثر الهجوم الوحشي الذي تعرض المعتصمين بساحة القصبة يوم 28 جانفي 2011, هذا الاعتصام الذي صرح المكتب التنفيذي في بيان صادر عنه, أنه سيحميه، لكن هيهات.
إن تحقيق أهداف الثورة يقتضي منا مواصلة النضال ضد بقايا النظام الدكتاتوري بما في ذلك تحقيق المطلب الشعبي المنادي بحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي ما إنفك يسعى للقضاء على الثورة و يجند ميليشياته لترويع الشعب و لنهب و حرق الممتلكات و المؤسسات و الهجوم على الإتحاد العام التونسي للشغل .
إن اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل يعتبر أن نجاح العمال و عموم النقابيين في صيانة الثورة و الانخراط التام في النضال مرتبط بإزاحة التيار البيروقراطي المسيطر على عديد الهياكل النقابية للإتحاد العام التونسي للشغل و على رأسه جراد و جماعته.
فليكن هدفنا الأول كمناضلين نقابيين في صفوف الإتحاد العام التونسي للشغل هو التعجيل بتحرير المنظمة و الشغالين من هذه القيادة البيروقراطية عبر السعي للإطاحة بها و محاسبة رموزها الضالعة في الفساد النقابي و المالي و العمل سويا للتعجيل برحيلها حتى تتمكن الطبقة العاملة و عموم الشغالين من تفجير طاقاتها النضالية و توظيفها بالكامل لتحقيق أهداف الثورة و طموحات الشعب.
عاش الإتـحاد العام التونسي للشغل
مستقلا،ديمقراطيا و مناضلا
اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل