mardi 8 février 2011

العلمانية في تونس في سبعة أسئلة

منذ نجاح الثورة في تونس و بعد عشرات السنين من التبعية الفكرية للزعيم الواحد و القائد المهم، أصبح من الضروري أن يتمكن التونسيون من تقرير مصيرهم و إختيار بعض التوجهات الأساسية لدولتهم في العديد من المسائل المهمة و المصيرية. إحدى هذه الخيارات هي العلمانية و لاحظت في العديد من المرات سوء فهم لأسس العلمانية و إعتبارها كفرا و إلحادا وبل تهجما على الدين الإسلامي و لذا قررت، عوض إعطاء تعاريف مبهمة للعلمانية، أنا أجيب عن بعض الأسئلة التي تطرح عادة حول العلمانية في تونس و كيفية تطبيقها في بلدنا العزيز

1. هل سيصبح الدين الإسلامي ممنوعا؟

طبعا لا، فالعلمانية تفرض على الدولة الحياد "الديني" فلا تفرض دينا و لا تحارب دينا أخر ولن تستعمل الأقليات الدينية في تونس كاليهود و المسيحيين كوسيلة دعاية أمام الإتحاد الأوروبي، فالأقليات الدينية في تونس هي تونسية بالأساس و لا تحتاج إلإ للأحترام على أساس المواطنة و المساواة دون إعتبار للدين

2. هل سيمنع التوقيت الرمضاني و تصبح أيام العيد أيام عملٍ عادية؟

العلمانية تنبع دائما من وضع إجتماعي معين، فمثلا فرنسا لاتزال تعتبر أعيادا مسيحية "كالفصح" و "كلنا قديسون" أعيادا وطنية، و لذا لن تتغير مثلا هذه الثوابت بعلمانية الدولة فالدولة التونسية حتى في الوضع الحالي لا تفرّق بين الأعياد الدينية (المولد أو رأس السنة الهجرية مثلا) و الأعياد الوطنية كعيد الشهداء أو الجمهورية

3. هل سيمنع تدريس الدين الإسلامي ممنوعا في المدارس و المعاهد التونسية؟

كلا. قد يقول البعض أين هو فصل الدين عن الدولة إذن؟ بسبب غياب "كنيسة" في الدين الإسلامي، لا يمكن تفويض التعليم الديني كليا "للمساجد" لذا يمكن أن يصبح هذا التعليم إختياريا لكل تلميذ أو أن تتطور مادة "التربية الإسلامية" إلى "التربية الدينية" حيث تؤسس أيضا للتأخي و التحابب بين المواطنين على إختلاف دياناتهم

4. هل ستغلق المساجد و يمنع بناؤها؟

في تونس كانت الدولة تقوم ببناء عديد المساجد، لكن المواطنين أيضا كانو يساهمون بصفة كبيرة في التمويل و نظرا لعدد المساجد المرتفع في تونس لن يكون إشكالا إن تخلت الدولة عن هذا الدور و إكتفت بإسناد رخص البناء للمساجد كبقية البناءات الأخرى. و يقرر الدخول إليها حسب الوضع الأمني و توافد الناس إليها، ففي العديد من الدول تغلق بعض المساجد إلإ أوقات الصلاة و تفتح الأخرى كامل اليوم للزيارة إلى جانب العبادة

5. هل ستصبح المساجد منابرا سياسية؟

أستعملت المنابر من قبل للتطبيل و التهليل للرئيس السابق، و يتخوف العديد من أن يتكرر هذا الأمر أو تصبح المساجد ناطقا رسميا بإسم أحزاب الإتجاه الإسلامي، لكن التوجه العلماني للدولة يطلب من الأإمة الحياد السياسي، كما أنه يسعى إلى تكوينهم مدنيا. و من المنطقي أن لا يقوم الإمام بالدعوة لحزب على حساب أخر في ظل مناخ حريات دينية تضمنه العلمانية في أسسها

6. هل سيمنع الحجاب و اللحية؟

تدخل هذه المسائل في نطاق الحريات الخاصة، فلا وصاية للدولة على لباس أو مظهر أو دين أو رأي سياسي و لن يُراقب من يصلي الصبح حاضرا في المسجد كما كان الوضع سابقا، فدور الدولة (علمانية كانت أو لا) هو أساسا الحفاط على الأمن العام ولكل الحرية في ممارسة دينه أو عدم ممارسته، فالحريات الشخصية هي الأساس و منعها الإستثناء

7. هل سيُغَيَر الفصل الأول من الدستور؟

نوعا ما، فالتنصيص على "دين الدولة" غير مقبول عمليا، لكن التذكير بالجذور الإسلامية لبلادنا ممكن. كما يتسائل البعض عن نقطة دين الرئيس التونسي و الذي يتوجب أن يكون الإسلام، و هنا نذكر أن لا أحد بإمكانه التثبت من هذه النقطة عمليا ولذا يفضّل أن يلغى هذا الشرط و أن يترك للتونسيين حق الإختيار حتى نتجنّب المغالطات و نبني مشهدنا السياسي على الصراحة و الشفافية





في نهاية المطاف، أريد أن أوكد على أهمية العقد الإجتماعي في دولة القانون و المؤسسات و أن التشريع، حتى و إن كانت مستوحى من الدين الإسلامي(إرث، حريات عامة مثلا)، لا يمكن أن ينبثق إلا من إرادة الشعب وحده و أنه، في المجال العام، تبقى علوية الدولية على الدين هي الأصل و لكل شخص الحرية في إختيار دينه و ممارسته في المجال الخاص، دون تضييق أو مراقبة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire