dimanche 5 juin 2011

الوطنية....??هذا السؤال المطروح


إن ما يجري الآن في الهيئة المنتدبة لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاحي السياسي أمر مريب! والدليل على ذلك هذه الاستقالات بالجملة، وتعليق بعض الأحزاب لعضويتها فيها، والبيانات الاستنكارية التحذيرية الصادرة عن بعض أعضائها...الخ. والسبب الرئيسي معروف: التدخل الأجنبي في سير عمل الهيئة لتثبيت اتجاه أقلية علمانية لاوطنية تغريبية ومن ورائها فلول النظام اللاوطني السابق. ولذا نقول لا لانتهازية اليسار والتيار الفرنكفوني اللاوطني وخلطهما بين البروبقاندا الحداثوية والخطاب المدني الرصين، ولكن في نفس الوقت نقول لا للخلط بين الدعوة الدينية والدعاية السياسية. ونعم من أجل إنجاح الثورة ورفع التحدي الديمقراطي الاجتماعي. فكما نخشى من عودة دكتاتورية علمانية ما فيوية، نخشى من تنامي النزوع الشعبوي نحو دكتاتورية دينية يغذيها خطاب يتعمد عدم التمييز بين الديني والسياسي. ما من شك أن السياسي له صلة بالديني من جهة أنه لا فصل بين الدين والدولة، ومن جهة أن الدين الإسلامي بالذات قد جاء ليصلح أمر البشر في دنياهم وآخرتهم (الأمر بالعدل والإحسان ومقاومة الظلم والطغيان والذود عن الأوطان وتثمين العلم النافع والعمل الصالح) ولكن التمييز بين السلطة الدينية والسلطة السياسية أمر مفروغ منه في الإسلام كذلك، حيث لا سلطة دينية إلا لله وللرسول. وعلاقة الأحزاب التي يؤسسها مواطنون مسلمون بالإسلام هي علاقة بالفكر الإسلامي الاجتهادي وليست علاقة بالدين في معناه المطلق في حد ذاته، بمعنى أنه ليس لأي حزب يروم جعل الثقافة الإسلامية خلفية له أن يدعي التكلم باسم الإسلام أو تمثيله أو حتى الدفاع عنه من دون بقية المسلمين الذين ينتمون إلى أحزاب أخرى أو اختاروا البقاء خارج الأحزاب جميعها. هذه الأحزاب مطالبة بتقديم برامج ورؤى وحلول لمشاكل المجتمع والدولة، ولا يهم من أين يأتوا بها من المشرق أو من المغرب، من حيث الشكل، المهم هو مدى فعاليتها وقدرتها على النهوض بالمجتمع وحل مشاكله والحفاظ على استقلال البلاد ودعمه. ولذا فالتصنيف الموضوعي الذي نراه للقوى السياسية في البلاد اليوم لا يستند إلى معايير إيديولوجية (يسار / يمين) أو دينية (مسلمون/كفرة أو فاسقون) بل المعيار الوحيد الموثوق به لدينا هو معيار الوطنية: أن نكون وطنيين أو لا نكون، حيث لا يستأثر بالوطنية إسلامي أو قومي من دون يساري أو ليبيرالي، كما قد ينحرف إلى اللاوطنية الإسلاميون أو اليساريون أو الليبراليون. والأمثلة التاريخية على ذلك متواترة. وبالتالي ندعو اليوم القوى الوطنية إلى الاتحاد ضد مؤامرات القوى الغربية وأن يتخلى الإسلاميون (النهضة أساسا) عن صوغ خطاب الوطنية والاستقلال بخطاب الهوية المطلق وبخطاب الإسلام من حيث هو دين عالمي عابر للتاريخ، إلى الدفاع عن الاستقلال الثقافي والاقتصادي والسياسي للبلاد مع بقية القوى الوطنية التي تشاركها الهوية العربية الإسلامية التي هي مسألة عليها إجماع اليوم بين التونسيين، إلا زمرة قليلة من عملاء الفرنكوفونية الاستعمارية. كما نحذر النهضة وغير النهضة من التقليل من شأن الاستعمار الاقتصادي- الذي لا يعير اهتماما كبيرا للثقافي- القادم من الأمريكان ومن البريطانيين عبر البوابة البولونية وغيرها. ما نلاحظه اليوم للأسف هو صراع بين إيديولوجيات: قطب حداثي ديمقراطي من جهة وإسلاميون من جهة ثانية، بينما المعركة في حقيقتها معركةُ ديمقراطية ومعركةُ تنمية ومعركة حرية وتحرر معا، أي معركة ديمقراطية اجتماعية ومعركة استقلال وطني حقيقي في نفس الوقت. فنحن الآن أمام فرصة تاريخية لكسب معركة الاستقلال إزاء الخارج ومعركة الحرية والديمقراطية إزاء الداخل بذات الجهد النضالي الوطني. ولذا ندعو الجميع إلى إعادة ترتيب الأولويات وعدم الخضوع بالكامل لمنطق الانتخابات وإنما لمنطق المصلحة الوطنية العليا لتهيئة الأرضية الصلبة لتنافس انتخابي ديمقراطي نزيه من أجل التدافع نحو راحة العباد من مخلفات الفساد التي لم يشهد مثلها في البلاد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire