lundi 31 janvier 2011

الحكومة الجديدة ...انتصار ام التفاف جديد؟



في يوم 14-01-2011هرب الطاغية بن علي و كان ذلك انتصارا عظيما للانتفاضة الشعبية ...و بدات مرحلة جديدة سميتها في مقال سابق بالمرحلة الرمادية الخطيرة جدا على الثورة لانها تمتحنها في وعي رجالها و قدرتهم على ادارة الصراع ضمن العناوين الجديدة ..حكمت مرحلة ما قبل 14-جانفي بالوضوح والوحدة اما ما بعد 14جانفي فهي محكومة بالغموض و محاولات الارباك و محاولات التشتيت و تقسيم قاعدة الثورة
نجح شعب الثورة في البقاء موحدا رغم انسحاب حزب احمد نجيب الشابي من الثورة وانضمامه الى الحكومة و تبنيه قراراتها و الدفاع المستميت عنها ...رفع شعار (ب.د.ب.و التجديد خانوا دمك يا شهيد) تاكيدا على ان هذين الحزبين قد انسحبا من الثورة واصطفا وراء بقايا الطاغية بن علي ..
اليوم و بعد التعديل الوزاري الواسع الذي حقق عددا مهما من مطالب الثائرين .يطرح السؤال مجددا .هل نستمر في المطالبة بتغيير الحكومة واسقاطها ام نعتبر ما حصل كافيا في هذه المرحلة و نعتمد اساليب جديدة في الضغط على الحكومة حتى لا تتراجع عن وعودها ...؟
1-اولا .ان ما تحقق من تعديل وزاري واسع جاء ثمرة لاستماتة الشعب التونسي في الدفاع عن ثورته ..و قد مارس ابناء الثورة ضغطهم من خلال الاعتصام امام مقر الحكومة في القصبة و من خلال انسحاب وزراء الاتحاد العام التونسي للشغل و من خلال الاضرابات العامة الجهوية التي اعلنت في صفاقس و في سيدي بوزيد و في سوسة و غيرها من الجهات و كان ينتظر ان يصل الامر الى العاصمة و الجميع تابع عشرات الالاف التي خرجت في مسيرات ضخمة جابت شوارع المدن التونسية .انني اعتبر التعديل الوزاري الواسع انجازا عبر عن حقيقة الثورة التونسية و عن الرؤية العميقة التي قاعدة الثورة الى الاهداف العليا لها وهي القطع مع نظام بن علي وليس شخص بن علي فقط ..كما ان قرارات حل الشعب المهنية و فك الارتباط بين التجمع والدولة واستقالة الوزراء من التجمع كلها عبرت عن الشعب التونسي ينجز ثورة و ليست انتفاضة فقط ..انه يعي جيدا ان ثورته لن تكتمل الا بالقطع مع بقايا النظام السابق و شبكته التي تغذى منها طيلة نصف قرن كامل ...
2-ثانيا ان منجزات الثورة بعد 14جانفي كانت محفوفة بتحديات اعنف و اشد خطورة من طرد الطاغية ..حيث تغيرت شعارات المرحلة و تغير مطلب الثورة و انقسمت قاعدتها و لو جزئيا و تبنى اعداؤها شعاراتها ..كنا امام تحدي شاق و صعب ...فالشعب وجد امام السيد الشابي و احمد بن ابراهيم اصدقاء الذين تحولوا الى اعداء اليوم ..كان بامكانهما الايدافعا عن حكومة ليس الاشكال في وجودهما ضمنها و انما الاشكال في وجود و جوه الفساد ضمنها واني اعتبر الخطا الاكبر في ذلك الدفاع المستميت منهما اكثر من خطا الدخول الى الحكومة ..اننا بعد 27جانفي امام مرحلة جديدة و تحدي جديد
3-ثالثا..مرحلة ما بعد27جانفي ....ان التحدي الاكبر في هذه المرحلة بالنسبة لابناء الثورة او النقابيين ان يحافظوا على وحدتهم لاننا من الطبيعي ان نختلف في تقييم الحكومة الجديدة ..سيرى بعضنا اننا حققنا النسبة الكبرى من المطالب واننا جسدنا عظمة الشعب وعظمة الثورة و اجتزنا المرحلة الرمادية شديدة الخطورة و سيطالب بالتوقف عند هذا المنجز حفاظا على الثورة وحفاظا على تضامن الشعب التونسي معها ..وهناك من سيطالب بالمواصلة في الاحتجاج الى ان يرحل محمد الغنوشي و تتشكل حكومة انقاذ وطني ..
المطلوب نقابيا للحفاظ على وحدة الاتحاد و على دوره الايجابي في هذه الثورة العظيمة وحمايته من التشتت و الانقسام او الانفجار داخليا ...الحل الضروري والملح هو توسيع دائرة القرار داخل الاتحاد فلا نكتفي بهيئة ادارية وطنية لان ذلك سيشكك في ديموقراطية قرارها و سيثير الكثيرين ضدها و نفتح الباب واسعا امام سباب لا ينتهي و ربما خلط شديد بين ما سياسي و ما نقابي ...انني من موقع التجربة الطويلة داخل الاتحاد اعتبر ان التحدي الاعظم امام هذه المنظمة العريقة والتي شاركت في الكفاح ضد الاستعمار و شاركت في الكفاح ضد الاستبداد بدرجات متفاوتة على مستوى الهياكل ( واقول لمن يصر الان على اثارة مسالة عبد السلام جراد فاننا ناضلنا ضد البيروقراطية منذ سنين و يكفي ان نذكر باضراب شارون عام2005الذي عارضه المكتب التنفيذي الوطني )هذه المنظمة العريقة يجب الحفاظ عليها و الحفاظ على وحدتها و ذلك لا يتم الا عبر توسيع دائرة صنع القرار فلا يكتفى بهيئة ادارية وطنية بل تتم الدعوة الى مجالس جهوية عامة تشارك فيها النقابات الاساسية و المكاتب التنفيذية المحلية ة تتخذ قرارات بعد حورات مطولة ومعمقة تعبر بدرجة كبيرة عن منخرطي الاتحاد العام التونسي للشغل و لايمكن لاي نقابي ان يتملص منها او يدعي انها فوقية ...و بذلك ننجب منظمتنا العظيمة من خطر شديد محدق بها في هذه المرحلة الحساسة ...واني ادعو بكل صدق و وعي و رؤية عميقة الى المخاطر المحدقة بالمنظمة و الثورة الى الاسراع بالدعوة الى مجالس جهوية عامة تسبقها اجتماعات للنقابات الاساسية القطاعية بقواعدها و ادارة حوار واسع مع جمهور شعبنا لتحديد موقف اقرب ما يكون الى الديموقراطية.
4---رابعا اذا استطعنا ان نوسع دائرة القرار فاننا نحمي الثورة و نحمي منظمة الشغيلة و نبتعد عن الانقسامات الخطيرة ...كما اننا سنتبعد عن المزايدات التي يمكن ان تهلك الجميع و تسقط السفينة كلها ..
5--خامسا ان القرار الذي سيتخذ و من خلال متابعتي لتفاعلات الناس مع التعديل الوزاري الواسع سيكون نسبيا و ربما لا نتحصل غلى اغلبية ساحقة في اي اتجاه القبول او الرفض فعلينا ان نتجب التخوين مسبقا ..و علينا ان نتجنب تهم المزايدة ...ان الرؤية الان فيها الكثير من النسبية فلا نسقط مجددا في لعبة الانقسام و لانسقط مجددا في لعبة الانفراد بالقرار و نحن نريد ان نكرس الديموقراطية ...ان يومين يخصصهما الاتحاد لعقد المجالس الجهوية و لعقد مشاورات واسعة داخل هياكله لن تضر بقراره بل على ستمنحه المصداقية و ستمنحه الوحدة و ستمنحه المشروعية و سيقطع الطريق امام اي فتنة داخلية ..هذا ندائي الى الجميع من ابناء الشعب التونسي العظيم الذي اصطفوا مع الاتحاد و ساهموا في اسقاط الطاغية ..الى النقابيين الذين يهمهم كثيرا ان يخرج الاتحاد من هذه التجربة الثورية موحدا و ديموقراطيا و مناضلا ....الى من يدرك ان انقسام الاتحاد في هذه المرحلة الحرجة لن ينفع احد الا اعداء الثورة ...ما زالت مرحلة يتوجب علينا ان نخوضها معا ثم بعد ذلك بامكان كل منا ينفرد بممارسته و تياره و قطاعه...
6---اخيرا ...جاء في الماثور العربي ..من عاش في نعمة ولم يشكر خرج منها لم يشعر ....الجميع يعرف ان الاتحاد كانت له مساهمة كبيرة في اسقاط الطاغية كما لغيره من حماهير الشعب و منظماته المستقلة ...و دور منظمة الشغيلة ظهر جليا في الاضرابات العامة الجهوية التي نجحت بنسب عالية جدا ايام 12جانفي و 13و 14جانفي...و ان تلك النجاحات جاءت بسبب الوحدة النقابية و التنسيق بين مختلف الهياكل و القواعد فلا نفرط في هذه الوحدة .....