mardi 4 décembre 2012

من يقف وراء تعطيل مشروع القانون المتعلق بالكسب غير المشروع قانون 87 متعلق بالتصريح بمكتسبات الموظفين جزء من منظومة الفساد


نظم المشرع التونسي مسالة تصريح الموظفين بمكتسباتهم بمقتضى القانون عدد 17 لسنة 1987 مؤرخ في 10 افريل 1987 يتعلق بالتصريح على الشرف بمكاسب أعضاء الحكومة و بعض الأصناف من الأعوان العموميين الذي لازال ساري المفعول بغض النظر عن فاعليته و مدى احترامه من قبل الأطراف المعنية.
طبقا لأحكام القانون المذكور يبقى أعضاء الحكومة و القضاة و السفراء ورؤساء المؤسسات الأم و المؤسسات الفرعية كما تم تعريفها بالقانون عدد 72 لسنة 1985 المؤرخ في 20 جويلية 1985 ملزمين بالتصريح على الشرف بمكاسبهم و مكاسب أزواجهم و أبنائهم القصر و ذلك في أجل لا يتجاوز شهرا من تاريخ تعيينهم في وظائفهم.
كما يخضع لهذا التصريح أعضاء الدواوين الوزارية و الكتاب العامون للوزارات و المديرون العامون و مديرو الإدارة المركزية و القناصل و المعتمدون الأولون و المعتمدون و الكتاب العامون بالولايات و بالبلديات و المديرون العامون و المديرون العامون المساعدون و الموجودون بالمؤسسات الأم و المؤسسات الفرعية و أعوان إدارة التجارة و أعوان الإدارة الجبائية و كذلك كل عون للدولة أو الجماعات العمومية الإدارية يقوم بمهام أمر صرف أو محاسب عمومي.
ويمكن إخضاع أصناف أخرى من الأعوان العموميين للتصريح بالمكاسب بالنظر لطبيعة وظائفهم و تضبط قائمة هؤلاء الأعوان بأمر بناء على اقتراح الوزير الأول علما بأنه لم يصدر أي أمر إلى حد الآن رغم الانفجار العظيم الذي عرفته تونس في مجال الرشوة !
و يبقى الأشخاص المشار إليهم أعلاه ملزمين بتجديد التصريح بالمكاسب كل خمس سنوات في صورة بقائهم بوظائفهم، كما عليهم القيام بتصريح جديد عند انتهاء مهامهم.
و في هاتين الحالتين على هؤلاء الأشخاص القيام بالتصريح في أجل شهر ابتداء من انقضاء مدة الخمس سنوات أو من تاريخ انتهاء المهام و عليهم أن يبينوا بالتصريح المذكور مصدر المكاسب التي تحصلوا عليها بأنفسهم أو التي تحصل عليها أبناؤهم القصر خلال كامل مدة القيام بالوظائف التي استوجبت التصريح.
يقع التصريح بمكاسب الشخص المعني بالأمر و بمكاسب زوجه و بمكاسب أبنائه القصر في ثلاثة نظائر ممضاة من طرف المصرح بالنسبة لأعضاء الحكومة و في نظيرين بالنسبة لبقية المطالبين بالتصريح و يتم إيداعه لدى الرئيس الأول لدائرة المحاسبات الذي يمضي النظائر الثلاث من تصريح أعضاء الحكومة و يبلغ نظيرا منها إلى رئيس الجمهورية و يسلم نظيرا للمصرح و يحتفظ بالنظائر الثلاث.
أما بالنسبة لبقية المطالبين بالتصريح، فإن الرئيس الأول لدائرة المحاسبات يمضي النظيرين من التصريح و يسلم نظيرا للمصرح و يحتفظ بالنظير الثاني، كما يبلغ إلى الوزير المعني بالأمر قائمة اسمية في الأعوان الراجعين إليه بالنظر.
و لا يمكن التعرض لهذه التصاريح أمام المحاكم إلا إذا كان عضو الحكومة أو أحد الموظفين المشار إليهم أعلاه موضوع دعوى جزائية مبنية على أفعال مقترفة في نطاق قيامه بوظيفته أو بمناسبة ممارسته لها ورأت المحكمة المختصة بتلك الدعوى ضرورة الإطلاع على تلك التصاريح.
إذا لم يقم الشخص المطالب بواجب التصريح بمكاسبه إثر تعيينه أو لم يقم بتجديده في الآجال المحددة بهذا القانون، يمنح أجلا إضافيا مدته15 يوما لتسوية وضعيته و إلا تقع إقالته من الوظائف التي استوجبت التصريح بالمكاسب. و إذا لم يقم بالتصريح في أجل شهر من تاريخ انتهاء مهامه تجرى وجوبا مراقبة على تصرفه مدة مباشرته للوظائف التي استوجبت التصريح بالمكاسب.
إن زلزال الفساد الذي هز و لازال بلادنا يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا القانون بقي صوريا وتحول الى جزء من منظومة الفساد وخير دليل في ذلك النمو غير الشرعي لثروة عدد هام جدا  من الأعوان العموميين المعنيين بالتصريح و حتى غير المعنيين و ما أكثرهم و من بعض الأطراف الحربائية التي خرجت علينا ببعض وسائل الإعلام بطريقة مشبوهة لتحدثنا عن نظافة أيديها في خطوة أخرى لمزيد الاستخفاف بعقولنا.
إن صورية هذا القانون تكمن في الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الخزينة العامة ولا زالت من جراء الرشوة والتي تقدر بمئات آلاف المليارات وهي مبالغ بإمكانها القضاء على الفقر و البطالة ببلادنا و فسخ الديون المتخلدة بذمتها بالخارج.
فالقانون لم يسحب التصريح بالمكاسب على رئيس الدولة و كل أعوان الوظيفة العمومية و لم يجرم عدم التصريح و لم يخص نمو الثروة غير المبرر بعقوبات جزائية صارمة مثلما هو الشأن داخل البلدان المتطورة. كما انه لم يتطرق إلى ضرورة التصريح بالحسابات البنكية وغيرها من الحسابات المفتوحة لدى أطراف أخرى كالوسطاء بالبورصة بالداخل والخارج وكذلك لمسالة الرشوة التي تكتسي صبغة عينية مثل مصاريف الدراسة التي تتكفل بها بعض الشركات دولية النشاط وبالأخص تلك الناشطة في مجال المحروقات لفائدة أبناء بعض الموظفين العموميين أو المسئولين بالمؤسسات العمومية. أيضا لا ننسى ان هذا القانون الصوري لم يتطرق إلى مسالة نمط عيش الأعوان العموميين و شبه العموميين و هذا يدعو للاستغراب. كما ان مجال تطبيقه بقي محدودا لان بعض الاعوان العموميين يحصلون على الأملاك بأسماء اقارب لا يشملهم التصريح و هذا بالامكان اثباته اذا كانت هناك ارادة لمقاومة الفساد. ومن المسائل الجوهرية والهامة التي لم يعالجها ذاك القانون الضحل هي إمكانية مساءلة اي شخص بغض النظر عن انتمائه او لا للوظيفة العمومية.
كما أن غياب هيكل مستقل يعنى بمقاومة الرشوة والفساد على معنى الفصلين 6 و36 من اتفاقية الأمم المتحدة لمقاومة الفساد التي صادقت عليها تونس بمقتضى القانون 16 لسنة 2008 لا يضم ضمن تركيبته أشخاصا من غير الموظفين العموميين لا يساعد على التثبت من صحة التصاريح المودعة وتحليل المعلومات المضمنة بها.
ان هذا القانون الذي تحول الى جزء من الجريمة المنظمة لا يتلاءم مع المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين الموضوعة من قبل الأمم المتحدة التي تفرض على الموظفين التصريح بأعمالهم الخاصة ومصالحهم التجارية و المالية أو ما يقومون به من أنشطة لتحقيق كسب مالي قد ينشأ عليها تضارب محتمل في المصالح. فالأعوان العموميون الذين يعملون لفائدة مكاتب الدراسات والاستشارات والتكوين وغيرها من المؤسسات على مرأى و مسمع من الجميع دون رادع يكبدون الخزينة العامة و المؤسسات والعاطلين عن العمل خسائر فادحة. هل يعقل ان لا يشمل هذا القانون الا الموظفين العموميين ولا يسمح للسلطات العمومية بمساءلة اي فرد من الشعب التونسي حول مصدر مكتسباته خاصة ان البعض اثرى من وراء الجرائم المنظمة في حق المستهلك والتهرب الجبائي وغير ذلك من الجرائم. ان عدم معالجة مسالة الرشوة والفساد والكسب غير المشروع في القطاع الخاص في اطار التشريع الجاري به العمل فيه خرق صارخ لاحكام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد وتكريس للفساد.
فالفصل 5 من القانون عدد 112 لسنة 1983 متعلق بقانون الوظيفة العمومية غير المحترم يحجر على الموظف العمومي مباشرة نشاط مهني مهما كان نوعه علما ان هذا التحجير يمكن مخالفته حسب شروط تضبط بأمر وقد فتح ذلك الامر الفاسد الباب على مصراعيه للموالين والمناشدين لكي يحصلوا على التراخيص و يقطعوا رزق الآخرين. نفس الفصل يحجر على الموظف العمومي أن تكون له مباشرة او بواسطة مصالح بمؤسسة خاضعة لمراقبة إدارته وعندما يمارس قرين العون العمومي بعنوان مهني نشاطا خاصا بمقابل يجب تقديم إعلام في ذلك إلى الإدارة التي يتبعها العون علما ان بعض المكاتب التي هي في تلك الوضعية تحولت الى اوكار للفساد والسمسرة في الملفات الجبائية رغم علم المعنيين بالسهر على مصالح الخزينة العامة.
فالبعض من المدرسين الجامعيين تم منحهم تراخيص لمباشرة أنشطة خاصة كالاستشارات القانونية لمنافسة المحامين بطريقة غير شرعية في خرق للفصل 2 من قانون المحاماة و العاطلين عن العمل من الاف الحاملين لشهادات في القانون ليضروا بمصالح المؤسسة التعليمية التي يعملون بها و ليتلبسوا بلقب المستشار الجبائي على مرأى و مسمع من الجميع دون رادع علما أن هذه الأعمال تندرج ضمن الأشكال المتطورة من الرشوة مثلما هو الشأن بالنسبة للرغبات المافياوية ورغبات المناشدين التي تصاغ في شكل نصوص تشريعية و ترتيبية وبالاخص في مجال الجباية والشركات التجارية.
لا ننسى أيضا الموظفين العموميين الذين يديرون مؤسسات خاصة في مجال التكوين عن طريق ممثلين قانونيين صوريين من بين أزواجهم أو زوجاتهم أو أقاربهم وكذلك الذين يغادرون اماكن عملهم لتنشيط الندوات وتقديم الاستشاراتعلى حساب العاطلين عن العمل على مرأى ومسمع من الجميع و هذا بالإمكان إثباته بالتعاون مع الوزارة المكلفة بالتكوين و غيرها من الوزارات.
اما الفصل 5 من القانون عدد 9 لسنة 1989 متعلق بالمساهمات والمنشات العمومية غير المحترم فقد حجر على العون العمومي الذي مثل الدولة او جماعة عمومية محلية أو مؤسسة عمومية او شركة تمتلك الدولة راس مالها كليا ان يدخل بآي عنوان كان في خدمة المنشاة المعنية قبل انقضاء اجل ثلاث سنوات بداية من تاريخ انتهاء مهامه كممثل الا برخصة خاصة من الوزير المعني بصفة مباشرة بنشاط المنشاة. إن عدم احترام تلك الأحكام الذي يعد جنحة يعاقب عليها بالسجن و الخطية اضر بصفة خطيرة بالمستشارين الجبائيين و بحاملي شهادة الأستاذية أو الماجستير في الجباية.
أما الفصل 97 ثالثا من المجلة الجزائية الذي حجر على الموظفين المباشرين وغير المباشرين لمدة 5 سنوات ابتداء من انقطاعهم مباشرة نشاط له علاقة بمهامهم غير مفعل و بصفة متعمدة رغم عديد العرائض المرفوعة من قبل الهياكل الممثلة للمؤسسات المتضررة و بالأخص الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين التي يلقى بمراسلاتها الموجهة لعدد كبير من الوزارات في سلة المهملات الى حد الان رغم أنها تتعلق بالتصدي للرشوة و الفساد و استيراد البطالة و بالتأهيل و بتحديث المنظومة الجبائية و القانونية و باحترام القوانين و بمحاربة التهرب الجبائي الدولي الذي يكلف الخزينة العامة آلاف المليارات سنويا و الذي ما زال متواصلا إلى حد الآن من خلال الفوترة الوهمية و آلية أسعار التحويل التي تتمثل في التخفيض أو الترفيع في الأسعار حسب الوضعية التي تمكن تلك الشركات من نهب العملة الصعبة و التهرب من دفع الضريبة !
فلقد نكلت بعض الأطراف داخل الإدارة، بالتواطؤ مع بعض الأطراف المناشدة التي كانت و لازالت تلقننا دروسا في الحوكمة و الحكم الرشيد من خلال بعض وسائل الإعلام المشبوهة النشأة و التي تعد من ركائز الدكتاتورية، بالمستشارين الجبائيين من خلال الوقوف في وجه تأهيل المهنة المحكومة بقانون متخلف يرجع إلى سنة 1960 و إطلاق العنان للسماسرة الناشطين على حساب خريجي المعهد العالي للمالية و الجباية لذر الرماد في العيون و الذين كلفوا الخزينة مئات آلف المليارات و ما مشروع القانون المعطل منذ سنة 1994 و الوعود الكاذبة الواردة بمداولات مجلس النواب المتعلقة بقانوني المالية لسنتي 2002 و 2004 و المذكرات الإدارية الداخلية غير المحترمة التي توصي بعدم التعامل مع السماسرة و المتلبسين بالألقاب إلا خير دليل على ذلك.
هذه الأعمال المسيئة بصفة خطيرة لهيبة الدولة تتنافى مع المبادئ الواردة بالمدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين المفروض عليهم توخي اليقظة و الإنصاف و الحياد في أداء مهامهم و عدم التحيز ضد أي جماعة أو فرد أو إساءة استعمال السلطة و الصلاحية المخولتين لهم بأي شكل من الأشكال. هل يعقل ان تتم صياغة النصوص التشريعية و الترتيبية خدمة للأقارب و الشركاء في الفساد و المناشدين و غيرهم. فلقد آن الأوان لتحديث المنظومة التشريعية و تطهيرها من القوانين الفاسدة خاصة تلك التي اكتست صبغة رشوة رخيصة لفائدة أطراف لا تمثل أي قيمة علمية أو مهنية أو أخلاقية و ملاءمتها مع المعايير الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد و محاسبة الراشين و المرتشين و المتواطئين معهم بصفة سلبية أو إيجابية و إلزامهم بجبر الضرر.
أخيرا، نطالب و بإلحاح الجهات التي تدعي مقاومة الفساد بإصدار قانون الكسب غير المشروع وبفتح تحقيق بخصوص كيفية تطبيق قانون 87 الفاسد لأننا ندرك أن عددا هاما من الأشخاص المشار إليهم صلب قانون 1987 لم يقوموا بالتصريح بممتلكاتهم دون ان يعزلوا ويحاسبوا حتى نوفر مواطن شغل وموارد للخزينة العامة وكذلك بخصوص الأطرف التي نكلت بالمستشارين الجبائيين و آلاف المتخرجين من حاملي شهادة الإجازة و الأستاذية و الماجستير في الجباية من بين بعض الموظفين العموميين و المناشدين و السماسرة في الملفات الجبائية الذين كبدوا الخزينة العامة مئات آلاف المليارات علما أنه ليس بإمكان أي مسئول مهما كانت رتبته أن ينكر علمه بالمظلمة الشنيعة التي تعرض لها المستشارون الجبائيون ولا زالوا و من ورائهم حاملو الشهادات العليا طيلة عشرات السنين.

1 commentaire:

  1. كانت هذه مداخلتي ضمن الندوة الحوارية بشان المشروع الاولي لقانون مكافحة الاثراء غير المشروع في تونس تحت اشراف د. منصف المرزوقي تحت عنوان من اين لك هذا
    اليوم الثلاثاء 4 ديسمبر 2012 بنزل الافريكا تونس

    RépondreSupprimer