mardi 31 mai 2011

و البلاد قد أنهكها الإنتظار و الوضع المؤقت



تأجيل الإنتخابات و خطر 7 نوفمبر جديدة لقد ظهر مكشوفا و بموضوعية لكل متتبع للشأن التونسي أن السبب التقني الذي تذرّع به مَن وراء تأجيل الإنتخابات هو سبب واه قد لا يفوقه متانة في الوجاهة والإقناع سوى بيت العنكبوت. و ليس المجال هنا لإعادة تعداد الخروقات في تعليلات كمال الجندوبي و من وراءه حول المعوقات اللوجستية القاهرة التي يستحيل التغلّب عليها قبل الرابع و العشرين من شهر جويلة المقبل بينما ستمّحي هذه الصعوبات القاهرة في أقل من ثلاثة أشهر من ذلك الموعد أو هكذا يستبلهون عقولنا. نحن حسب رأيي أمام مشروع خطير و مدروس للغاية الهدف منه هو تدجين الشارع و تكريس "هيبة الدولة" بمفهومها السبسي ليقع بعد ذلك الإلتفاف على الثورة ليُفتح الباب على مصراعيه لسيناريوهات لا يعلم مداها إلا الله. و سيناريو على شاكلة ١٩٨٩ غير مستبعد بالمرّة مع فروقات في التمثيل و الإخراج . فبعد أن يصبح الإستثناء قاعدةً و المؤَقّت مؤبّدا و يستعيد التجمع توازنه و يسترجع زمام المبادرة فمن يضمن أن لا تكون الإنتخابات على شاكلة عهد "لا ظلم بعد اليوم" حيث تحصل القائمات النهضوية على نسبة ثلاثين بالمائة (كالعادة!) و عوض أن تذهب السبعون الباقية كلها للتجمع وحده كما حصل في في المرة الأولى سنة ١٩٨٩ فقد لا يكون نصيب التجمع ممثلا في مواليده الجدد سوى عشرون بالمائة أو نحوها هذه المرة بينما توزع بقية المقاعد بتوزيع محكم حيث يحصل المتحالفون مع التجمعيين من جماعات تجفيف الينابيع و المستفيدين في العهديْن المنتشرين كالفقاقيع على أغلبية المقاعد و عندها (في فصل الشتاء) فمالعمل؟ هل سنرفض نتائج الإنتخابات أم ننادي باعتصام ثالث و البلاد قد أنهكها الإنتظار و الوضع المؤقت؟ و هذا السيناريو ليس من قبيل التحاليل التآمرية التي تعشش في مخيلة من جرّب سياسة اللسع بالمراحل من أمثالنا و إنما هناك مؤشرات تبعث على الحيرة كإصرار الهيئة علي عدم جلب مراقبين دوليين للإنتخابات و العض بالنواجذ على تأجيلها . فالظاهر أننا في الطريق لأن نلدغ من نفس الجحر مثنى و ثلاث و رباع أو كما طاب للسيد كمال الجندوبي و من لف لفه اللهمّ إلا إذا ألقى الشرفاء بكلّ ثقلهم وراء إنهاء هذه المهزلة التي تدار أمام أعيننا بإخراج سمج. فلم تمر مجرد شويهرات علي الإطاحة بأبي جهل القرن حتى أحيا التجمع المنحل قانونيا و المتغلغل في مفاصل الدولة و الإدارة واقعيا ما يلزم من فزاعات و معارك جانبية حول الهوية و أمير المؤمنين و غير ذلك عبر إعلامه المسرطن ليتسلل من جديد من الباب الخلفي للثورة. فالتمثيل النسبي مع احتساب أفضل البقايا معدّ على المقاس لقصّ أجنحة الأحزاب الشعبية و إعطاء فرص الحصول على مقاعد للأحزاب الورقية غير الجماهيرية كتلك الأحزاب التي خرجت بالعشرات من رحم التجمع المنحل. زد على ذلك كيد أشباه المناضلين من منتسبي البروليتاريا الذين تآكلت شحوم مؤخراتهم من فرط الجلوس على كراسي المقاهي أو من منتسبي البرجوازية من أولائك الذين حفروا متاريس على أرائك الفنادق الفارهة بجلساتهم المطولة و المشبوهة في الظل بعيدا عن ضو ء الشمس. فعوض النزول للشارع و الإلتحام بالشعب و العمل على النهوض بالبلاد و الإيفاء باستحقاقات الثورة تراهم لا هم لهم سوى دس الدسائس و التشويه المبرمج. فهؤلاء و أولئك يدركون أن لو قُدِّر للإنتخابات أن تجرى في موعدها الأصلي المقرر لها فإنهم خاسروها لا محالة و لذلك فهم يحتاجون مزيد الوقت للتقليل من توهج مشعل الثورة الملتهب و لمزيد حبك المؤامرات. فإصرارهم على تأجيل الإنتخابات بدون أي مبرر شرعي هي علامة لا تخطئها عينٌ حصيفة و لا فكر نزيه على أنّ القوم لم يُكملوا عدّتهم أو أن ذلك مجرّد عملية مبيّة لربح مزيد من الوقت. و لكل ذلك لا يجب أن يُعطوا هذه الفرصة مهما كانت التضحيات. و الإحتمال الأول قد يكون الأقرب للصحة لأن موعد ٢٤ جويلية الموافق لعيد الجمهورية وقع الإعلان عنه تحت ضغط القصبة و عقب الإطاحة بحكومة الغنوشي و قد يكون الإعلان عن ذلك الموعد متسرعا بعض الشئ في حينها. و هؤلاء الرهوط سوف لن يذعنوا لرغبة الشعب إلا و هم كارهون. و لكل ذلك أرى أنه على الأحزاب الراغبة في اجراء الإنتخابات في موعدها و خاصة حزب حركة النهضة أن ينسقوا في ما بينهم و أن يدافعوا و بقوة على موعد الإنتخابات و أن لايقبلوا بغير موعد الرابع و العشرين من شهر جويلية و لا يقبلوا كذلك حتى حل توافقي كموعد بين التاريخين. صحيح أن البلاد لايمكن أن تتحمل فترة أخرى من انخرام الوضع الأمني و لكن يجب أن لا يكون ذاك السبب و حده كافيا لعدم تنظيم وقفات احتجاجية مدروسة و في كل أرجاء البلاد. فالضغط بالشارع هي الطريقة الوحيدة المتبقية للذود عن الثورة و مكتسباتها من بقايا فلول التجمع المخلوع و بعض نخبنا الذين سبق و أن تلطخت أطروحاتهم التقدمية الرنانة بوحل التحالف مع الجنرال صاحب الكرباج لتزيين جهله الفج بشعاراتهم المضللة التي طالما شنفوا أسماعنا بها. فاللجنة "العليا" "المستقلة" قد فقدت شرعيتها و لم يعد مبرر لوجوداها خاصة بعد أن فشلت في المهمة الوحيدة التي بعثت من أجلها و هي إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد فعلي ذلك الأساس ترشح أعضاؤها و على ذلك الأساس وقع انتخابهم. فإذا فشلوا في ذلك فما عليهم سوى أن يستقيلوا و يتركوا مكانهم لمن هو أجدر و أحق. و مهما يكن من أمر فقد قطعوا شعرة الثقة التي تربطهم بالجماهير مما سيلقي بظلال وارفة من الشكعن مدى "علويتهم" في التحضير أو "استقلاليتهم" في اتخاذ القرارات في المستقبل إن ما يصيب العاقل بالعته هو هذا الإصرار الجلمودي من قبل بعض أفراد "نخبة" البلاد على تكرار نفس الأخطاء حتى بعد أن وجدوا أنفسهم خارج دائرة الفعل الثوري فيعمدون إلى نفس أسلوب الوصاية على الشعب و التحالف حتى مع الكهنوت أو الإقطاع لإقصاء خصم سياسي. هؤلاء لن يسمعوا لأي لغة توافق باسم مصلحة البلاد أو الثورة أو غيرها ببساطة لأنهم لا يسمعون. و "لقد أسمعت إن ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire