الدرس المستخلص من تجربة أشقائنا في تركيا وهم يدخلون الحقبة الثالثة من حكم حزب العدالة والتنمية، هو أنه إذا التقت أخلاق النزاهة ونظافة اليد مع الكفاءة والاقتدار يمكن أن تحقق الكثير ، إن كان ذلك على صعيد السياسية أو الاقتصاد أو على الصعيد الخارجي. فقد تمكن حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية خلال أقل من عقد من الزمن من أن ينهض بتركيا ويجعل منها دولة محورية نشيطة في مختلف القضايا الاقليمية والعالمية، في وقت كان ينظر إليها على أنها مجرد جسر هامشي بين أوروبا وآسيا.
وفعلا نحن تونس هي في أمس الحاجة إلى استلهام هذه التجربة والاستفادة منها أكثر ما يمكن، ولعل اولى المهام المطروحة هي صنع جيل جديد من القيادات السياسية والفكرية تجمع بين خصلتي النزاهة والكفاءة يمكنها أت نخرج ببلادنا من وهدة التخلف والإعاقة التي فرضتها حقب الاستبداد الطويلة، وتضعها على سكة التنمية والنهوض الحقيقين. لقد قيل الكثير على أن الإسلاميين لا يفهمون لغة الاقتصاد والأرقام، ولا يدركون تعقيدات السياسية وتشعباتها الداخلية والخارجية، ولكن تجربة تركيا بينت أن الإسلاميين هم أكثر اقتدارا وكفاءة، بقدر ما هم اكثر إخلاصا وأخلاقا ممن حكم من قبلهم...
لا شك أن هنالك قوى كثيرة تعمل بالليل والنهار للحيلولة دون وصول بلادنا إلى هذا الاستحقاق، وهي تريد أن تقطع الطريق أمام هذا المشروع ولكن بإرادة شعبنا وتصميمه وتلاحمه سنصل حتما إلى هذه المرحلة بحول الله.
الهيئة العليا لحاية أو بالأحرى لعماية الثورة، تمثل نموذجا مكثفا لمعضلة الثورة التونسية بسبب توقفها عند منتصف الطريق، فعوض أن تتولى القوى الرئيسية للثورة من الشباب وأبناء المناطق المحرومة وضحايا العهد البائد، والقوى السياسة الحقيقة التي لعبت دورا حقيقيا في مقارعة نظام بن علي، مقاليد الأمور وإدارة المرحلة الانتقاتلية لتأمين مسار الثورة ووضع مرتكزات النظام الجديد، عوض كل ذلك قفزت جوقة النهازين، من بقايا اليسار الوصولي ، وفلول العهد البائد، وكل المتربصين بالثورة لتصدر المشهد مجددا.
والحال أننا وصلنا إلى هذا المأزق فإن السؤال الكبير المطروح هنا: ما العمل؟
الجواب بكل بساطة هو رفع الغطاء السياسي عن هذه الهيئة ، وإعلان نهاية عمرها الافتراضي أصلا. فهي هيئة مؤقتة وجدت بمرسوم مؤقت لرئيس مؤقت وليس ثمة ما يبرر لها هذا التعملق وفرض نفسها وصيا على التونسيين . الكثير من اعضاء هذه الهيئة لا يمكن ائتمانهم حتى على شطيرة (كسكروت) فكيف يمكن ائتمانهم على مصير التونسيين وتحديد حاضرهم ومستقبلهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire