كثر الحديث هذه المدة عن التحالفات في المشهد
السياسي وكثرت المعارك السياسية و الاتهامات بين الأحزاب كما كثرت الحملات الاشهارية
لعدة احزاب لكن في قراءة متبصرة لما تشهده الساحة يمكننا ملاحظة شيء هام ألا وهو الشعارات
العامة التي ترفعها هذه الأحزاب دون تحديد واضح لمتطلبات المرحلة فمن قطب ديمقراطي
لا يوضح طبيعة الديمقراطية التي يدافع عنها هل هي ليبيرالية اي ديمقراطية السوق على
الشاكلة الأمريكية أم هي ديمقراطية شعبية او حتى في حدها الادنى اجتماعية تحد من جشع
الرأسمالية في شكلها النيوليبرالي المتوحش ومن جهة أخرى ينصب نفسه وصيا على الحداثة
دون ان يوضح لنا معنى الحداثة وان كنا في عصر ما بعد الحداثة الم تتوضح معالم الحداثة
مع القرن الثامن عشر لحظة تشكل البورجوازية الاوروبية أما قيم الحداثة أليست تلك المتعلقة
بحقوق الانسان وحرياته متعددة الابعاد؟
أليست هذه الحقوق والحريات المتعلقة بالفرد
مرتبطة جدليا بتحرر الفرد وتحقيقه لكرامته
كانسان وهذا ما يفترض تحرره المادي أساسا وقبل كل شيء أليست الحرية مجرد وهم في الاستغلال
الرأسمالي للأفراد.
اذن ترتبط الديمقراطية والحداثة وكرامة
الانسان بتحرره من الانسان وليس بخوفه من أفكار ميتافزيقية ان تحرير الشعب التونسي
يتم عبر تخليصه من علاقات الانتاج غير العادلة يتم ذلك عبر طرح قضية العدالة الاجتماعية
ومقاومة فظائع الاستعمار الجديد وفضح جرائمه في نهب ثروات شعبنا واغراقه في الديون
التي لا يستفيد منها لكنها تسدد من امتصاص دمائه
في تواطئ تام مع القوى الرجعية يعبئ هذا
القطب جملة من الاحزاب وتحت شعارات عامة وفضفاضة تساهم في طمس حقيقة الصراع واخفائه
صحيح ان الثورة تفترض الدفاع على مكتسبات
الحرية والكرامة لكنها ستظل مكتسبات مفرغة من معناها ان لم تقترن بمكتسبات اجتماعية
تعتبر الاساس المادي لمعنى الحرية والديمقراطية ولكي لا ننسى فقد قامت ثورة جانفي على
مطالب اجتماعية اثر تفاقم الازمة الاجتماعية والتي تحملت أعباءها الفئات الاجتماعية
المفقرة والمسحوقة والتي ظلت الى اليوم مفقرة ومسحوقة وقادها شباب الاحياء الشعبية
الذي دمرته البطالة وسياسات التهميش والاقصا ء والذي ظل معطلا ومقصيا الى اليوم
وليس القطب وحده الذي يتجاهل مسألة العدالة
الاجتماعية حيث نجد الأحزاب التي تعلن صراحة برنامجها الليبيرالي المعادي للشعب وتحاول
تقديمه على أنه خدمة للشعب التونسي ومستقبله فتحت شعار المستقبل يبدأ الان دون توضيح
مستقبل من يبدأ أهو الشباب المعطل والمفقر ام هو البورجوازية العميلة المرتبطة بتمويلات
اجنبية وخاصة أمريكية فلنلاحظ حزب يصرف المليارات في الدعاية لصورة رجل وامرأة يذكرنا بالحملات الانتخابية الأمريكية والتي يقاس
الفوز فيها على مستوى جمال زوجة المترشح حزب يصرف تلك المليارات في اشهار صورة ويلخص
برنامجه الاقتصادي في جملة واحدة -نحن مع الاقتصاد الحر-
في حين ان تحرير الاقتصاد كان من أهم الاسباب
التي أدت الى ارتفاع نسبة البطالة والفقر وانخفاض الاجور وتحرير الاقتصاد ادى الى ضرب
الحقوق الاجتماعية للشغالين وضرب القطاع العمومي وتسريح الاف العمال
لماذا لا يخسرون قليلا من وقتهم الثمين
ليفسروا للشعب برنامجهم الاقتصادي ببساطة لأن جملة نحن مع الاقتصاد الحر ليست موجهه
للشعب بقدر ماهي موجهة الى مموليهم الاجانب لطمأنتهم على مصالحهم ونصيبهم من ثروات
شعبنا وهذا المقياس نفسه يتطابق مع الحزب الذي يدعي تمثيله للإسلام المعتدل والذي لا
ينكر استقطابه لرجال الأعمال الذين يمولونهم مقابل دفاعه عن مصالحهم وبطبيعة الحال
رجال الأعمال هؤلاء لم يظهروا هكذا فجأة بعد الثورة بل ان تاريخهم هو تاريخ معاناة
الشعب التونسي وبالتالي نعرف حتما من كان يدافع عن مصالحهم في ظل النظام النوفمبري
وبالتالي فمراهنتهم على تجمع في شكل جديد ترتبط بضرورة خضهم للمال السياسي في اللعبة
في نهاية المطاف لا نستغرب ان تهرب مثل
هذه الاحزاب من ذكر بعض الارقام المرعبة مثل هذه الامثلة
يسدد الاجراء سبعون بالمائة من المجموع
الضريبي للدولة في حين يسدد كبار المالكين ثلاثين بالمائة منه
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire