في العلاقة بين مشروع قانون
المالية ودار لقمان
مشروع قانون المالية اهمل
المسائل الجوهرية المتعلقة بالتهرب الجبائي والعدالة الجبائية
مشروع قانون المالية كرس
الفساد والتهرب الجبائي وقتل المؤسسة
تم التخطيط لتلهية المجلس
التاسيسي بمناقشة احكام ضحلة
المجلس التأسيسي ليست له
اية مبادرة وهو سجين الاحكام الضحلة والفاسدة المضمنة بمشروع قانون المالية
مقدمة مشروع قانون المالية
تضمنت جملة من الاكاذيب السافرة
اي دور يمكن ان يلعب المجلس
التاسيسي اذا ما اكتفى بمنقشة احكام ضحلة
من المفروض ان يتطرق النواب
الى المسائل الجوهرية التي اهملها المشروع
اكد صندوق النقد الدولي ان
التهرب الجبائي والفساد يعوقان التنمية داخل افريقيا
لم يشذّ مشروع قانون المالية عن سابقيه من المشاريع الضحلة
التي تصاغ على مقاس المناشدين والفاسدين والمتهربين من دفع الضريبة وصيادي
الامتيازات المالية والجبائية ومحولي وجهتها ولا تأخذ بعين الإعتبار حاجة المؤسسة
المواطنة إلى الحماية من المنافسة غير الشريفة والسوق السوداء وحماية سوق الشغل من
العمالة الأجنبية التي تنشط على حساب العاطلين عن العمل مستغلة في ذلك الثغرات
القانونية خاصة على مستوى مجلة التشجيع على الاستثمارات ومجلة الشغل ومجلة الضريبة
على الدخل والضريبة على الشركات وغياب الرقابة واستفحال الفساد الإداري والمالي في مفاصل الكيانات المشوهة وبالأخص تلك
المفرزة اثر انتخابات 23 أكتوبر باعتبار انه لا يمكن الحديث عن مؤسسات بتونس. فما
ورد بديباجة المشروع من دفع لنسق الاستثمار والتشغيل والتنمية هو محض كذب سافر
يفنده الواقع.
فالأحكام المضمنة بالمشروع لم تول اية اهمية لظاهرة
استيراد البطالة والتحيل التي نمتها احكام الفصلين 3 و16 من مجلة التشجيع على
الإستثمارات التي حررت بصفة وحشية وعشوائية أغلب أنشطة الخدمات غير المنظمة قبل
التفاوض وتكريس مبدأ المعاملة بالمثل وتأهيل قطاع الخدمات في الوقت الذي تسعى فيه
المفوضية الاروبية الى مطالبتنا بتحرير قطاع الخدمات لتصدير بطالتها وازمتها الينا،
علما أن ذلك مكّن الاف الأجانب بما في ذلك المتقاعدين من النشاط على حساب العاطلين
عن العمل ويكفي الاطلاع على البلاغات الإشهارية للجمعيات الأجنبية للمتقاعدين بالجرائد
الرسمية التي تمول من دم دافعي الضرائب للوقوف على هذه الجريمة المرتكبة في حق
العاطلين عن العمل والمؤسسات وكذلك على البلاغات التي تصدرها من حين لاخر هيئة
السوق المالية بخصوص المتحيلين الاجانب الذين ينتصبون بالاعتماد على احكام مجلة
التشجيع على الاستثمارات او بالاحرى الفساد وتبييض الاموال والتحيل وامرها
التطبيقي الفاسد عدد 492 لسنة 1994 الذي احدث انشطة غريبة في ظل غياب تصنيفة وطنية
للمهن والانشطة. ان عدد المتقاعدين من التونسيين والاجانب الذين يعملون كاجراء
بالاعتماد على التحيل في خرق للقانون عدد 8 لسنة 1987 متعلق بعمل المتقاعدين
يتجاوز 170 الف فرد باعتبار ان ذاك القانون الذي لم يجرم عملهم تضمن عددا من
الثغرات رفضت السلطة سدها رغم صيحات المهنيين المتضررين من اعمال عدد كبير من
السماسرة ورغم الكم الهائل من المقترحات المقدمة خلال المؤتمر المتعلق بالتشغيل
الذي التام خلال 82 و29 و30 جوان 2012.
وبالنظر لخطورة السوق السوداء على المؤسسات المواطنة التي
اندثر بعضها وسوق الشغل وموارد الدولة التي تجد نفسها مجبرة على الإلتجاء إلى
التداين الخارجي في الوقت الذي لا تقل فيه خسائر الخزينة العامة عن 15 ألف مليار
من المليمات سنويا جراء استشراء واستفحال الفساد والتهرب في المجال الجبائي، لم
تتطرق أحكام المشروع إلى مسألة سد الثغرات التي تطبع التشريع الجبائي الجاري به
العمل وذلك على الأقل من خلال إدخال تحويرات على الفصل 101 من مجلة الحقوق
والإجراءات الجبائية والفقرة الاخيرة من الفصل 16 من مجلة الحقوق والاجراءات
الجبائية.
لم يتطرق المشروع إلى مسألة شطب الديون الجبائية خارج إطار
القانون والقضاء من خلال الإصرار على الإبقاء على لجنة إعادة النظر في قرارات
التوظيف الإجباري المحدثة بمقتضى الفصل 30 من قانون المالية لسنة 2011 والتي تعتبر
محكمة خارج إطار المنظومة القضائية مثلما أكد ذلك القضاة والباحثون والمستشارون
الجبائيون والمحامون والتي خلفت اللجنة الإستشارية المكلفة بالنظر في عرائض
المطالبين بالضريبة التي شطبت الديون الجبائية منذ سنة 1998 دون أن يفتح أي تحقيق
جنائي بخصوص جرائمها إلى حد الآن.
لم يتطرق المشروع إلى مسألة الأحكام المافيوية التي صيغت
سابقا على مقاس بعض المهن المناشدة محولة المؤسسة إلى بقرة حلوب كاشتراط طرح عبأ
أو الإنتفاع بامتياز بالمصادقة على حسابات المؤسسة من قبل مراقب حسابات ومثل هذه
الأحكام التي تم تمريرها من قبل بعض المحاسبين والخبراء المحاسبين بلجنة البرنامج
الجبائي المستقبلي لبن علي صلب التجمع كالفصل 15 من مجلة الاداء على القيمة
المضافة والفصل 18 من قانون المالية لسنة 2012 والفصل 48 من مجلة الضريبة على
الدخل وغيرها لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الأجنبية وبالأخص التشريع الأوروبي. الأتعس
من ذلك ان تتواصل الجريمة من خلال الفصل 25 من من مشروع قانون المالية الضحل لسنة
2013.
لم يتطرق المشروع إلى مسألة تبييض الأموال والجرائم
الجبائية من خلال الإصرار على عدم حذف الفقرة الأخيرة من الفصل 16 من مجلة الحقوق
والإجراءات الجبائية التي يستغلها اليوم بصفة خطيرة البعض لمساعدة المتهربين على
إخفاء مداخيلهم منافسين بذلك بطرق غير شرعية المؤسسات البنكية والبريدية ومنمين
بصفة خطيرة التحيل الجبائي وبالاخص الذي يمارسه الأطباء والناشطون بالسوق السوداء.
لماذا لم يبادر الذين يخرجون علينا من حين لاخر عبر وسائل الاعلام ليلقنونا دروسا
في الكذب من خلال التاكيد على ان المشروع سيكرس العدالة الجبائية بوضع سجل
للمتهربين والمتحيلين وممارسي كل الجرائم مثلما فعلت ذلك البلدان المتطورة وحتى
الجزائر من خلال قانون المالية التكميلي لسنة 2009 واحداث شرطة جبائية مثلما فعلت
الدول الاروربية وغيرها وكذلك التشهير بالمتحيلين والمتهربين مثلما فعلت ذلك
الجزائر وكندا والولايات المتحدة الامريكية وجنوب افريقيا وبريطانيا باعتبار انه
لا يعقل ان ينتفع بالخدمات والمرافق العامة من تحيل على الشعب وسخر منه وتهرب من
تمويل الخدمات العامة ومن هو ليس بمواطن.
لم يتطرق المشروع إلى مسألة السمسرة والفساد في الملفات
الجبائية الذي يكلف الخزينة سنويا الاف المليارات من خلال الإصرار على عدم تحوير
الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية التي تنص في خرق للقوانين
المهنية على إمكانية أن يستعين المطالب بالضريبة بمن يختاره بما في ذلك السماسرة
وعصابات الرشوة والفساد.
لم يتطرق المشروع إلى خطورة أحكام الفصل 18 من قانون
المالية لسنة 2012 التي شلت أعمال المراقبة الجبائية حيث أن مصالح المراقبة أغرقت
بمطالب إسترجاع فوائض أداء عديمة المردودية ليس لها الإمكانيات المادية والبشرية
لمعالجتها عوض البحث في اسباب تكون تلك الفوائض والقضاء عليها. إن منح تسبقات فوائض
أداء للمؤسسات دون إجراء مراجعة مسبقة يدخل ضمن سوء التصرف في الموارد العمومية
والمفروض اليوم فتح تحقيق بخصوص الأشخاص الذين اتضح فيما بعد عدم مسكهم لمحاسبة
قانونية بعد ان تحصلوا على تسبقات دون الحديث عن اللذين اختفوا ولم تجد لهم
الادارة اثرا.
لم يتطرق المشروع إلى آلية الخصم من المورد التي خربت
سيولة المؤسسات المواطنة التي تقوم بواجباتها طبق ما تقتضيه أحكام التشريع الجاري
به العمل وأغرقت مصالح المراقبة الجبائية في مطالب استرجاع لا قبل لها بها وقد حصن
ذلك المتهربين من دفع الضرائب خاصة من بين الناشطين بالسوق السوداء من أي ملاحقة
وحتى أصحاب بعض المهن الحرة الذين يباشرون دون ان يصرحوا بوجودهم لدى إدارة
الجباية علما أن هؤلاء يعدون بالآلاف.
لم يتطرق المشروع إلى مسألة الشركات الأجنبية لكراء اليد
العاملة التي عادة ما تكون مبعوثة بالخارج على شاكلة صناديق بريد والتي يتم
استعمالها من قبل الشركات الأجنبية المنتصبة بتونس وبالأخص تلك الناشطة في مجال
التنقيب عن المحروقات للتهرب من دفع الضريبة واستنزاف العملة الصعبة من خلال فوترة
تلك اليد العاملة التي لسنا في حاجة لها بمبالغ خيالية. فتلك الشركات عادة ما تكون
صورية أو على شاكلة صناديق بريد يتم بعثها بالمناطق الحرة أو بالجنات الضريبية او
حتى ببعض البلدان الاروبية كبريطانيا وسويسرا أين لا تخضع للضريبة على الشركات.
كان من المفروض أن ينص المشروع على عدم طرح تلك الأعباء من أساس الضريبة على
الشركات بتونس كما يجب أن ينص على عدم طرح الأعباء المفوترة من قبل الشركة الأم
والشركات التابعة للمجمع والشركات المنتصبة بالجنات الضريبية او ببلدان تطبق نسبة
ضريبة منخفضة مثلما فعلت ذلك الكامرون بقانون المالية لسنة 2012.
لم يتطرق المشروع الى مسالة تخريب القدرة الشرائية للمواطن
من خلال عديد المعاليم والأداءات التي تستعمل لتمويل صناديق الفساد التي لم يفتح
تحقيق بخصوص آلاف المليارات التي أهدرت في إطارها كتلك المتعلقة نظريا بتمويل
برنامج التأهيل الشامل والنهوض بالقدرة التنافسية للمؤسسات وغير ذلك. تلك المعاليم
والأداءات الإجرامية ساهمت في إثقال كاهل المؤسسة المواطنة ومحدودي الدخل. فلا احد
بامكانه ان ينكر ان حذف السقف المتعلق بالمعلوم على المؤسسات المقدر بمائة الف
دينار قد ساهم بصفة خطيرة في الاضرار بالقدرات التنافسية لبعض المؤسسات دون الحديث
عن ان المبالغ المسددة لا تتناسب مع الخدمات المسداة بالنظر للمساحة المغطاة
المستغلة من قبل تلك المؤسسات. كما ان معاليم الطابع الجبائي التي تتكبدها المؤسسة
بعنوان خدمات الهاتف قد ساهمت في تخريب قدراتها التنافسية. هذا يثبت بما لا يدع
مجال للشك ان السلطة الحاكمة باعتمادها على مهندسي الفساد الذين يغطون على ممارسي
التهرب الجبائي والغش الناشطين في السوق السوداء هي بصدد قتل المؤسسة المواطنة
وحتى المواطنين من خلال السماح بترويج المنتوجات المسمومة المتاتية من الصين
وغيرها من البلدان.
لم يتطرق المشروع إلى مسالة الفساد في المجال الجبائي الذي
يكلف الخزينة العامة سنويا آلاف المليارات. فالملاحظ أن بعض الأطراف تستميت في
الإبقاء على الثغرات التي من شانها مساعدة المتحيلين والمتهربين والفاسدين على
العبث بالموارد العمومية مثل على سبيل المثال الفقرة الاخيرة من الفصل 16 من مجلة
الحقوق والاجراءات الجبائية التي طورت بصفة خطيرة صناعة تبييض الجرائم الجبائية
على مراى ومسمع من الجميع. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يتم التنصيص صلب مجلة
الحقوق والإجراءات الجبائية على إمكانية مراقبة أعمال المراقبين لاحقا داخل
المؤسسة وكذلك على فتح آجال التدارك كلما تعلق الأمر بأعمال فساد. فحتى الأحكام
الواردة بالمشروع الاولي والتي نصت على إمكانية مراقبة الأشخاص المصادرة أملاكهم
منذ سنة 1988 تم وضعها لذر الرماد في العيون والتغطية على الآلاف من الأشخاص الذين
تملصوا من دفع الضريبة بالاعتماد على الرشوة والسمسرة في الملفات الجبائية والفساد
ناهيك انه تم حذفها صلب النسخة المقدمة الى مجلس باردو، علما أن كبار السماسرة في
الملفات الجبائية تم تمكينهم إلى حد الآن من التلبس بلقب المحامي والمستشار
الجبائي وما عدم الرد على عشرات العرائض المرسلة منذ 14 جانفي 2011 بهذا الخصوص لرئاسة
الحكومة ووزارة العدل ووزارة مقاومة الفساد من قبل الهياكل المهنية للمستشارين
الجبائيين إلاّ دليل على تواصل الفساد وتنامي صناعة تبييض الفاسدين. إن التنصيص
صلب المشروع على إمكانية مراجعة الملفات المشبوهة بغض النظر عن قرب أصحابها من
عصابة الدمار الشامل من شانه توفير موارد طائلة للخزينة العامة مثلما هو الشأن
بالنسبة للأشخاص المقربين من بن علي المعفيين اليوم من دفع الضريبة على الشركات في
خرق للقانون، علما أن هذه الجريمة لا زالت
متواصلة رغم علم الجميع بها. كما ان التحقيق في الجرائم المرتكبة في مادة معاليم
التسجيل والتي تم تعداها صلب المذكرة الادارية عدد 72 لسنة 2005 الصادرة عن
الادارة العامة للمحاسبة العمومية من شانه توفير عشرات حتى لا نقول مئات المليارات
والاف مواطن الشغل من خلال تطهير مصالح التسجيل والمراقبة الجبائية من الفاسدين.
ان الاصرار على عدم تجريم تحويل وجهة الامتيازات الجبائية والمالية التي كبدتنا
عشرات الاف المليارات يدل على ان دار لقمان على حالها خاصة انه يبدو ان مراجعة
مجلة التشجيع على الاستثمارات تتم بعيدا عن اعين الاحزاب والمجتمع المدني وبمشاركة
اغلب المنظمات المهنية المناشدة التي هي في وضعية تضارب مصالح دون الحديث عن احدى
الشبكات المتورطة في جرائم مالية خطيرة بامريكا واروبا وبالاخص عملية التحيل التي
قام بها مادوف وافلاس بنك لميمان براذرز التي توصلت الى اختراق لجنة تاقصي الحقائق
حول الفساد والرشوة وكذلبك وزارة التعاون الدولي. فهل نحن في حاجة الى تلك الشبكات
المشبوهة والملاحقة قضائيا داخل اروبا وامريكا والتي تم طردها من العراق لكي
تساعدنا على مراجعة المجلة الاجرامية.
لم يتطرق المشروع إلى الأشخاص الذين تم تمكينهم دون موجب
من دفع الضريبة بنسبة 10 بالمائة والحال انه كان من المفروض إخضاعهم لها بنسبة 30
بالمائة مثلما هو الشأن بالنسبة للمصحات الخاصة وغيرها من المؤسسات التي تنتفع
بنسبة تفاضلية دون الحديث عن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين ينشطون دون التصريح
بوجودهم محققين مداخيل تقدر بمئات حتى لا نقول ألاف المليارات كتجار الخردة
وسماسرة السيارات المستعملة وتجار قطع الغيار المستعملة وبعض أصناف المهن الحرة.
لم يتطرق المشروع الى مسالة اهدار المال العام في اطار ما
يسمى بمجلة التشجيع على الاستثمارات كمنح اراضي الشعب بالدينار الرمزي وتحويل وجهة
الامتيازات المالية على مراى ومسمع من الجميع دون تجريم ذلك وتحويل تونس الى وكر
لتبييض الاموال والجرائم من خلال الشركات المصدرة كليا وشركات التجارة الدولية غير
المقيمة المبعوثة على شاكلة صناديق بريد والتي لا تصدر شيئا وليس حتى لها وجود
مادي بتونس سوى من خلال ملفها القانوني الذي تم توطينه باحد مكاتب السمسرة والفساد
والتلبس بالالقاب. أيضا لم يتم التطرق إلى ظاهرة استيراد البطالة والتحيل وعمل
المتقاعدين الأجانب على حساب التونسيين وعمل الاجانب في خرق للفصل 258 من مجلة
الشغل والفصل 18 من مجلة التشجيع على الاستثمارات الذي تم التحايل عليه من خلال
تحويل الاجير الاجنبي الى مستثمر والتهرب من دفع الضريبة على الدخل. كما لم يتطرق
الى مسالة وضع منح مالية على ذمة المتحيلين الذين حولوا تونس الى مصب للخردة
باعتبار ان مجلة التشجيع على الاستثمارات او بالأحرى الجريمة المنظمة وتبييض الأموال
وهدر المال العام لم تنص على نقل التكنولوجيا وعلى ان المنح المالية لا تعطى الا بعنوان
التجهيزات والمعدات الجديدة والمتطورة.
ولمواصلة
ذر الرماد في العيون نص المشروع على اعفاء الشركات التي ستبعث خلال سنة 2013 من
دفع الضريبة على الشركات طيلة 3 سنوات دون تقديم تقييم لمردودية الاحكام الضحلة
المشابهة التي اتخذت منذ عشرات السنين والتي ساهمت في اهدار الاف المليارات ودون
اشتراط ذلك بخلق مواطن شغل قارة، علما ان ذلك يشكل منافسة غير شريفة وخرقا صارخا
لمبدا المساواة.
وحتى
بعض الاحكام التي وضعت بالنسخة الاولى للمشروع لذر الرماد في العيون بغاية ايهام
القارئ والدارس انها تتعلق بمكافحة التحيل الجبائي فقد تم حذفها من النسخة المقدمة
اليوم لمجلس باردو كالمتعلقة بالاشخاص الذين ينتفعون بمعلوم الجولان المخصص
للفلاحين والحال انه لا علاقة لهم بالفلاحة والفواتير المتاتية من الجنات
الضريبية، علما ان ذلك يتطلب تحقيقا حتى
يعرف الشعب هوية عصابة الفساد التي تصر على الابقاء على الثغرات القانونية
لفائدة المتحيلين. فالجرائم المتعلقة بالتحيل في مجال معلوم الجولان وكذلك تلك
المتعلقة بمعاليم التسجيل والتي تمت الاشارة اليها بالمذكرة عدد 72 لسنة 2005
صادرة عن الادارة العامة للمحاسبة العمومية فتتطلب اكثر من عشر سنوات لكشفها، علما
ان ذلك سيمكن الخزينة العامة من جني مئات المليارات. اما الفواتير الصورية
المتاتية من الجنات الضربية والبلدان المطبقة لنسبة ضريبة منخفضة بما في ذلك
البلدان الاروبية فانها تكلف المجموعة سنويا اكثر من الف مليار من المليمات نتيجة
اصرار الفاسدين على عدم رفض تلك الفواتير صلب الفصل 14 من مجلة الضريبة على الدخل
والضريبة على الشركات مثلما فعلت ذلك الكامرون من خلال قانون المالية لسنة 2012
لوضع حد لاعمال النهب التي يقوم بها المتحيلون والشركات متعددة الجنسيات وبالاخص
تلك الناشطة في مجال المحروقات.
خلاصة القول أن مشروع قانون المالية لسنة 2013 جاء متناغما
مع مرحلة الجهل والفساد التي تمر بها تونس مكراس جباية الافلاس والفساد مأمعنا في
إثقال كاهل المطالبين بالضريبة وبالأخص المؤسسات المواطنة التي تقوم بواجباتها الجبائية
ملحقا أضرار جسيمة بمردوديتها وقدراتها التنافسية خدمة للناشطين في السوق السوداء
والمتهربين من دفع الضرائب خاصة من بين بعض اصناف المهن الحرة كالاطباء والمحامين
والصيادلة وغيرهم. فعوض أن يتضمن إستراتيجية واضحة المعالم لمكافحة التهرب الجبائي
الذي يكلف الخزينة العامة أكثر من 15 ألف مليار سنويا، بادر بالترفيع في الضغط
الجبائي ليدفع بطريقة غير مباشرة من يقومون بواجبهم الجبائي إلى الإلتحاق بجمهور
المتهربين او مغادرة البلاد او التوقف عن الاستثمار. كان من المفروض التفرغ
للمتهربين من دفع الضرائب من خلال على الأقل إشتراط إنتفاعهم بالخدمات العامة
بقيامهم بواجبهم الجبائي عوض الإمعان في امتصاص دم الذين يقومون بواجبهم الجبائي.
ويسعى
الفاسدون والمفلسون الى تبرير عدم تطرق مشروع قانون المالية الضحل لسنة 2013 الى
المسائل الجوهرية والهامة الى ارجاء ذلك لدرسه في اطار الاصلاح الجبائي الذي
سينطلق سنة 2013 وهي سنفونية مشروخة تعبر عن فشل وعجز مغنيها باعتبار ان الاصلاح
الجبائي انطلق منذ سنة 1988 ولم يخلف الا الدمار والجريمة المنظمة وتبييض الأموال
وهدر المال العام والفساد واغراق البلد في المديونية وان فاقد الشيء لا يعطيه وكل
اناء بما فيه يرشح.
فحتى
المنظمات الدولية المقرضة اصبحت اكثر رافة بنا من الذين يعملون على اغراق تونس في
المديونية من خلال تعطيل الإصلاحات المتاكدة والعاجلة حين اكدت من خلال العديد من
تقاريرها الصادرة اخيرا ان الفساد والتهرب الجبائي يعيقان التنمية، علما ان الخبير
الاقتصادي الامريكي جون بركنز اكد من خلال كتبه المنشور اخيرا تحت عنوان
"الاغتيال الاقتصادي للامم" ان تلك المنظمات تعمل على اغراق البلدان
المتخلفة في المديونية لتسهيل عمليات نهب مواردها من قبل الشركات دولية النشاط
مثلما هو الشان خاصة بالنسبة للشركات الناشطة في مجال النفط والمناجم.
فالدراس
لمحاور الميزانية يدرك بيسر ان المبلغ الاكبر منها تم تخصيصه لتمويل الفساد
كالتاجير العمومي ونفقات الهيئات والمجالس والمنشات العمومية والبرامج الفاشلة
التي لا زلنا نجهل مردوديتها الى حد الان باعتبار اننا لا زلنا محكومين بنظرية
السلحفاة التي مفادها "فكرنت ولا لا يجعلها فكرنت".
فالثابت ان مشاريع القوانين المعدة في الدهاليز من قبل الادارة
التي لا زالت محتلة من قبل عصابات الفساد تناقش داخل اللجان والجلسة
العامة بالمجلس التاسيسي بصفة صورية بنفس الاساليب القذرة التي كانت تمرر بها النصوص
الاجرامية والمافيوية لبرلمان بن علي الذي هو صندوق بريد، فما اتعس اليوم مقارنة
بالبارحة. الاكثر تعاسة من ذلك ان يتصدى احد القائمين على لجنة المالية صلب المجلس
التاسيسي لعديد المقترحات الجدية اثناء مناقشة مشروع قانون المالية التكميلي والتي
ترمي الى مكافحة الفساد في المجال الجبائي وتبييض الاموال والجرائم الجبائية والمحافظة
على موارد الخزينة ووضع حد لظاهرة استيراد البطالة وغير ذلك مثلما يشهد بذلك عديد
النواب وبالاخص الاستاذ احمد السافي.
إن صياغة مشاريع النصوص التشريعية والترتيبية في الدهاليز بعيدا
عن أعين الشعب الذي ستتخذ باسمه وغصبا عنه مثلما هو الشان اليوم، يذكرنا بأساليب
المافيا وهي سمة من سمات الأنظمة الفاسدة. فمشاريع النصوص والإصلاحات بكندا تعرض
وجوبا للنقاش العام عبر شبكة الإنترنات. كما أن السلطات الألمانية كانت ولازالت
تحث منظمات المجتمع المدني على المساهمة بصفة فعالة في الإصلاح التشريعي الذي
انطلق منذ سنة 2005.
كما أن الإصرار على عدم إيجاد دليل ومعايير لصياغة النصوص
التشريعية والترتيبية، مثلما فعلت ذلك عديد البلدان كألمانيا وفرنسا وكندا، ترك
المجال مفسوماللمافياتواللوبياتلصياغة نصوص تشريعية وترتيبية ساهمت ولازالت في قتل
المواطن والمؤسسة المواطنة المدعوة من قبل السفهاء والجهلة والفاسدين إلى تحسين
قدراتها التنافسية والتشغيلية والتصديرية.
فالمفروض أن لا يشارك النواب الجديون في تمرير نصوص مافيوية
كالفصل 25 من المشروع وان يفعلوا دورهم خاصة اثناءمناقشة مشروع ميزانية 2013الذي جاءت أحكامه ضحلة مهملة مسائل هامة جدا
كالتهرب الجبائي وتبييض الأموال والجرائم الجبائية واستيراد البطالة ونهب الموارد
الوطنية من قبل الشركات الأجنبية بواسطة الية اسعار التحويل والفوترة الصورية
والسمسرة في الملفات الجبائية من خلال الفصول 39 و42 و 60 من مجلة الحقوق
والإجراءات الجبائية وشطب الديون الجبائية في إطار لجنة إعادة النظر في قرارات
التوظيف الإجباري التي تعتبر محكمة خارج المنظومة القضائية والمحدثة بمقتضى
الفصل30 من قانون المالية لسنة2011 والسوق
السوداء التي حولت بعض المناطق الصناعية إلى مقابر وتخريب سيولة المؤسسة ومردوديتها
من خلال الية الخصم من المورد وعديد المعاليم والأداءات والأتاوات وتحويل وجهة الإمتيازات
الجبائية.
فهل يحق اليوم لمن ياتي مثل هذه الاعمال القذرة ويخون وعوده
الانتخابية ويتنكر للناخبين الذين كان من المفروض ان يكون في خدمتهم أن يتحدث عن
الشفافية والتشغيل ومكافحة الفساد والعدالة الإنتقالية وحقوق الانسان والحوكمة المفتوحة
و العدالة الجبائية وغير ذلك من الشعارات الرنانة والكاذبة.
عندما يدرك الشعب التونسي أن الثورة الجبائية بإمكانها
القضاء على الفاسدين والمتواطئين معهم مثلما فعل الشعب الأمريكي في القرن الثامن
عشر أي قبل كتابة دستوره، عندها ستتغير الأمور نحو الأفضل. فشعار الثورة الجبائية بأمريكا
كان "لا أداء بدون تمثيلية" ونحن اليوم نعيش نفس الظروف التي عاشها
الشعب الأمريكي في ظل الاستعمار البريطاني حيث تم إثقال كاهله بأداءات لا قبل له
بها من معاليم طابع جبائي وغير ذلك دون أن يكون له حق المساءلة والمحاسبة وهذا هو
السبب الذي كان وراء اندلاع الثورة الجبائية التي أدت إلى استقلال أمريكا في 4
جويلية 1776.
الأسعد
الذوادي
عضو المجمع المهني للمستشارين الجبائيين
والجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire