mardi 24 mai 2011
الحكومة المؤقتة تمهد الطريق لإستعمار "ديموقراطي" ..؟
الحكومة المؤقتة تمهد الطريق لإستعمار "ديموقراطي" ..؟ من كان حليفا و صديقا لبن علي و نظامه منذ أشهر قليلة، أصبح اليوم في الصفّ الأوّل لمساندي ثورة تونس. هذا ما ينطبق على دول مجموعة الثمانية (الولايات المتحدة، فرنسا، إيطاليا.. ) الذين تقدموا إلى تونس بدعوة خاصة لحضور إجتماعهم الأسبوع المقبل (يومي 26 و 27 ماي) بدوفيل الفرنسية. القوى الإقتصادية الأضخم في العالم ستكون مستعدة لتقدم إلى تونس منحا و قروضا قد تصل إلى 25 مليار دولار (أيْ حواليْ ضعف ميزانية تونس و حوالي مرتين و نصف من ديوننا الخارجية الحالية !) يتم إستخلاصها خلال 5 سنوات. من جهة أخرى، رحبت الحكومة المؤقتة بالدعوة، بل أن الوزير الأول المؤقت صرّح إثر زيارته نهاية الأسبوع المنصرم إلى باريس أن "الأمور تجري على ما يرام" و أكد أن " الحكومة قامت بصياغة خارطة طريق توضع حاجيات تونس و الأهداف المنشود تحقيقها خلال الفترة القادمة ". السيّد الباجي القايد السبسي، ربما نسي أنه وزير أول مؤقت، و أن حكومته مؤقتة ... ربما نسي أيضا أنه في أوّل يوم له على رأس الوزارة الأولى صرّح بأن مهمّة هذه الحكومة هي تصريف الأعمال فقط ... فهل التخطيط لبرامج مستقبلية و المصادقة على ديون بقيمة 25 مليار دولار يدخل في مشمولات هذه الحكومة؟ الإجابة ستكون قطعا النفي، و السبسي يعلم ذلك جيدا، فليس لهذه الحكومة أيّ شرعية للمصادقة على إلتزامات من هذا النوع و لا بهذا الحجم ... ديون ستثقل كاهل البلد، و سيتحمل أعبائها الشعب التونسي بمفرده، الذي لم يقل كلمته بعد عبر صناديق الإقتراع ... و السؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل تعي هذه الحكومة بأن الشعب التونسي قام بثورة؟ و أنه لن يرضى مجددا من يتعامل معه و كأنه قاصر فلا تستشيره في مثل هذه القرارات المصيرية و لا تستطلع رأيه؟ سؤال آخر علينا أن نطرحه، أ لم يكن جديرا بهذه الحكومة أن تعمل على الكشف عن الحجم الحقيقيّ للثروات الطبيعية التي نمتلكها، خاصة و أن عديد الدراسات العلمية و مقالات أهل الإختصاص أكد أن لتونس مخزون لا يستهان به من الذهب الأسود، هذا إلى جانب الطاقة الشمسية التي لا يتم استغلالها في الصحراء جنوباً؟ أ لم يكن، من باب المنطق، أكثر أهميّة أن تعمل هذه الحكومة المؤقتة على إصلاح منظومة الإحصاء و مؤسساته لكي ندرك حقيقة الوضع الإقتصاديّ في البلاد، عوض الهرولة وراء القروض و المنح؟ أما المعضلة الكبرى في هذه المسألة، هو التعتيم الإعلاميّ على الموضوع ... فوسائل الإعلام تغط في سبات يبدو أن لا نهاية له، و لا تستفيق إلا حين يتعلق الأمر بتمرير أفكار مضادة للثورة أو تبنّي فزّاعات جديدة و هذا ليس بغريب أو بجديد عن إعلام كان بوق دعاية لنظام المخلوع المتهاوي. الأحزاب و الجمعيات هي الأخرى لا نسمع و لا نقرأ تعليقاتها عن الموضوع، و كأنه يخص بلدا آخر غير تونس، و مستقبل وطن آخر غير هذا الوطن ، بينما تعلوا الأصوات كلما تعلق الأمر بمسائل هامشية لا تهم الثورة و لا تخدم مصلحتها و لا تحقق أهدافها. و من باب الصدف، و ما أكثر الصدف بعد الثورة، هو أن هذا الإجتماع يأتي بعد أيام قليلة من حادثة الروحية الإرهابية، التي تمثل دون شك ضربة قاسية للموسم السياحي و للإستثمار الخارجيّ، و حملة إعلامية تعمل على تهويل الحادث (و إن كان الخطر موجودا) و تقديمه للرأي العام بوقائع متناقضة و متضاربة، و كلّ ما نتمناه، أن لا تعتمد الحكومة المؤقتة ما حصل بالروحية فزّاعة لتمرير مشروعها و المصادقة على خارطة "الإستعمار الديموقراطي" ...
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
لا تخف فالذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، وحزمة من حطب هش أقوي من عود خيزران واحد، وقطرات ماء تدوم بوسعها أن تفلق الصخر، ودفقة نور واحدة من شمس الصباح تبدد الكثير من الغيوم
RépondreSupprimer