منذ
إعتلاء حركة " النهضة " و إئتلافها المسمى "بالترويكا" سدة الحكم عاى إثر
إنتخابات 23 أكتوبر 2011 , وقد تجاوزنا بذلك عامين من حكمها , لم ير الشعب
التونسي إلا الهوان و الذل و المهانة بشتى الأشكال و الألوان ..., و حدث
ولا حرج , مسيرة أقل ما يقال فيها أن بلادنا لم تشاهد في حياتها مثيلا لها ,
مسيرة بؤس و شقاء و فقر و بطالة و أوساخ و أوبئة و أمراض و إجرام و
إغتيالات وعنف و إرهاب و تهريب و إتجار بالمخدرات و شتى الممنوعات و تدني
أخلاقي وإنتهاك سافر للحرومات و المحرمات و دوس على المشاعر و حتى المقدسات
وتسلط و جور و قهر و محسوبية و جهويات و رشوة و ارتشاء و نهب و سلب و سطو و
إفتكاك و إستقطاع وإغتنام الغنائم و تربح و تبديد للأموال العامة و
إستثراء وإنتهازية مفرطة و طمع و جشع و جوع و استيلاء على الأرزاق و
الممتلكات والمكاسب و إتجار في البشر كالرقيق تحت غطاء "الجهاد بالشقيقة
سوريا "و قد طال هذا النوع من التجارة و الإتجار حتى ببناتنا تحت غطاء ما
يسمى " بجهاد النكاح " و التسول و التداين وتدني الخدمات العامة و المعيشية
إلى درجة لا تطاق و لا تتصور و غيرها و غيرها ... , من المآسي و
الميزيريات ,التي لم نكن نتصور يوما أن نعيشها أو أن تخطر على بالنا أو حتى
أن تراودنا في مخيلاتنا , و لا حتى في أحلامنا بل و حتى في كوابيسنا
المرعبة ..., و السؤال الذي يطرح نفسه في مثل حالنا و مدى ما وصلنا إليه في
الآونة الراهنة : كيف بنا قد صبرنا على طول هذا الوقت كله ...؟ و كيف بنا
قد تحملنا كل ذلك و لم ننفعل الإنفعال الكافي و المناسب لوضع حد لتلك
المعانات , التي كنا و لا نزال نعيشها يوميا و بدون إنقطاع ...؟ فهل أننا
نمتلك صبر أيوب و لم نكن على علم بذلك ...؟ , أم في الأمر سر خفي لم نستطع
إدراكه إلى حد الآن ...؟ , إستفسارات و أسئلة محيرة تتملكنا بين الحين
والآخر نعجز حتى عن الإجابة عنها ..., و على كل و المهم في كل ذلك أننا لا
نزال أحياء نرزق كما يقولون , أو كما يقال عند البعض "ناكلوا في القوت و
نستناو في الموت" فما ألجأنا إلى أن يصل بنا الحال إلى ما وصلنا إليه
حاليا يا ترى ...؟ , إن المتسبب في هذا كله , في نظرنا , يرجع بالأساس و
الأصل إلى ذلك الإختيار المقيت و الكارثي الذي إختاره البعض من شعبنا في
إنتخابهم لقائمات "حركة النهضة " بمناسبة الإنتخابات الأخيرة ( 23 أكتوبر
2011 ) , تلك الإنتخابات التي شكلت منعرجا نوعيا و غريبا في تاريخ و حياة
هذا الشعب , الذي عان و لم يلق منذ الإستقلال إلى اليوم إلا الكثير من
الويلات و المآسي و الأزمات و القهر والإستبداد و النهب و السلب و التجويع
والإهمال لسلميته و لمسالمته و لحكمته ورصانته و لعدم إندفاعه المتهور ,
فهو متبصر بوقت ثورته و هيجانه و صولته و جولته ..., و في مقابل ذلك فهل
يختشي الحاكم من أمره ...؟ , فهذا الشعب و من سوء مصيره لم يعتل سدة حكمه
ما يعرف بالحاكم العادل , ذلك الحاكم المتبصر و الواعي بهموم ومشاكل و
استحقاقات و تطلعات وإنتظارات رعيته و مواطنيه و شعبه , والذي لا يهدى له
بال أو نوم إلا بعد إستسلام شعبه و رعيته إلى نومهما الهادي والهادء و إلى
أسلم راحة , فأين سنجد هذا الحاكم العادل بتلك المواصفات الصعبة التوفر و
التوفير في وقت كثر فيه الإنتهازيين والراكضين و راء الجاه و النفوذ
والثروة والسلطان ..., و في زمن من سرعان ما ينقلب على رعيته فيسومها أشد
البطش و العذاب بمجرد أخذه بناصيتها وحكمها , و الأمثلة كثيرة في بلادنا و
بالبلدان الخارجية , و حدث و لا حرج , الأمل ضئيل للظفر بهذا الحاكم في
نظرنا بالنظر لما نحن بصدد مشاهدته من خلال الأحداث الأخيرة التي لم تكن
لتبشر بأي خير في قادم الأيام و مع أناس إمتهنوا علوم و فنون السياسة و
تدجيلها و إفتراءاتها و كذبها و خداعها يصولون و يجولون حاليا على الميدان
السياسي و مشهده ببلادنا ... , والله تعالى أعلم بذلك لأن العلم لا يعلمه
إلا هو صاحب العلم و مصيرنا . فإلى متى ستتواصل معاناة شعبنا ..., و إلى
متى سيتواصل دوس كرامته وكيانه ..., من طرف الطغمة الحاكمة الحالية القادمة
من وراء البحر و من جحور طغات العالم الإستعماري حاملين معهم تعليماتهم و
أجنداتهم و أوامرهم ونواهيهم لفتح أبواب بلادنا أمامهم كبيرة واسعة
لإستغلال ثرواتها و الإستئثار بها لهم ولأبنائهم بعد تجويعنا و إفقارنا و
تفقيرنا و رهننا و ارتهاننا و بيعنا و شرائنا في شكل خيانات لأوطانهم و
التآمر عليها حهرا و في واضحة النهار ... , فهؤلاء مغامرون و قطاع الطرق
ومجرمون وخونة و إنتهازيون و قتلة و سفاحين و غزات و حشاشين في ظاهرهم تقوى
و ورع و في سريرتهم و باطنهم مكر و خداع و شتى العاهات والعلل النفسية
المعروفة وحتى غير المعروفة منها ..., و ما ينتظر منهم إلا ما كنا قد
عانيناه وعددناه في حديثنا السابق , فالخلاص منهم و من أمثالهم و أتباعهم و
من عملائهم و من ميليشياتهم و من أذرعهم يكمن عند الشعب وحده الذي كان في
الماضي الليس بالبعيد قد تخلص ممن كان أعتى و أصلب منهم بسرعة البرق في
صولة من صولاته و جولة من جولاته العاتية و الضاربة ..., و الفاهم يفهم , و
اللبيب بالإشارة يفهم .